: حروف ملك القطرات // بقلم الشاعر عبدالعزيز عميمر

حروف ملك لقطرات المطر :

_آه كم اشتقنا! وانتظرنا !
قطرات المطر،وهاهي السماء،تتلبّد وتعصر نفسها،ويقصف الرعد ،ويلمع البرق
حبات مطر، تسقط،وتتلهّف الأرض وتبتلع،تسقي
نارها المتأججة في جوفها،تفرح الأرض وتفيق البذور
وتستعدّ للولادة القادمة، هو حفل للعصافير،ولكل المخلوقات،وحتى الحشرات، ظهرت الدودة، خرجت
تزحف على بطنها ،هي والحلزون كذلك! فالماء سكّته وطريقه ،يحيا من جديد.

تزهو الطبيعة وتهتزّ وتبعث الرسائل للجذور والخلايا
ينتعش الكلّ،ويعمّ الفرح ،ويتبادل الناس الحبّ والسلام ،في انتظار السنابل القادمة.

ينظر لقطرات المطر تتساقط بقوّة شكّلت حبالا متدلية
من السماء للأرض ،هي معراج لحمد الله وشكره ،على هديته ،هدية الحياة والرحمة والبركة،لاستمرار الكائنات في الحركة والتجديد والابتكار .

تعجبه حبّات اللّؤلؤ تنزلق وترقص،تنطً في شكل فقاعات ،تتسابق وتطفو ،وتركب ظهر بعضها فرحة
وتجري وتسرع نحو الساقيّة ومنها للمصبّ ،هو منحدّر
تشكّل صوت هدير.

امتزجت التربة بالماء ،وأعطت عطرها،عطر خاص بالتراب حينما يبتلّ ،وتتبخرّ المياه
وتدخل حتى للأنوف المزكومة، تحب كل الناس،وهم
اصدقاؤها .

أحسّ بفتات حزنه يتناثر ،ويختفي مع حبّات المطر
وترفع اليد القابضة على عنقه ،فانشرح الصدر،وراحت
حنجرته تغني أغنية المطر، لبسها وغطّى بها جسمه
وأنشد كذلك قصيدة مبلّلة بالماء ومدهونة بالطين،
أبهى قصيدة، دون تصنّع ،هي عفوية ،تسيل. حروفها
باللّون البني وكأنها قهوة، أهداها للضفدعة المطمورة
خرجت ،فتحت عينيها،شرعت في النقنقة ،لجلب المزيد من الضفادع ،لها شفرة تفهمها،تجتمع لتتلاقح .

لقد حان موعد الزواج، هذه الضفدعة الملكة ،تاج على راسها وهي خضراء اللون، تلبس فستانا أبيضا،وما لبث
أن خرج الضفدع العريس،نظّف جسمه واستحمّ بالماء وتعطّر بالورد ،وقفز ،أمسك ذراع الضفدعة ،وتوجها 
لصدارة القاعة التي تتوسّطها أريكة ورديةمذهبة
الجوانب ، تليق بالملكة وزوجها.

تنطّ الضفادع وتقفز ،تلعب،تتمرّغ ،وتحمد الله الذي منحها الفرحة وأخرجها للحياة مرّة أخرى
ودّع الضفادع ،وتمنى للعريسين الضفدعين السعادة والهناء ،في ظلّ امتلاء البركة وتجدّد مائها،ولا شكّ
أن الكثير من الحشرات الصغيرة تخرج الآن ،ستكون
وليمة فاخرة لمعسكر الضفادع الخضراء ،بعد هذا
توقّف عن الكتابة ،تعب ،وبدأ يحسّ بتأثير لباسه المبلّل،والذي يتقاطر .

دخل للغرفة الصغيرة،وغيّر ملابسه، وبدأ يتثاءب
والنعاس يغلق ستائره ويداعب جفونه ،كطفل صغير
في حضن والدته ويقول له :
_ نم نومة أصحاب الكهف .

الكاتب الجزائري عبدالعزيز عميمر

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

دراسة نقدية /في نص قيثارة / للاستاذة الأديبة والشاعرة المبدعة فاطمة رشيد معتوق / بقلم الشاعرة المبدعة : سما سامي بغدادي

غارق بهواكِ// بقلم الشاعر: علي أحمد أبورفيع

لي رب رحيم// بقلم الشاعر: علي أحمد أبورفيع