من ينقذني ةيقبلني ... ؟ // بقلم الشاعر عبد العزيز عميمر
من ينقذني ويقبلني ...؟
آه أهِنتُ ! رماني في حاويّة القمامة،رائحة كريهة،
ربمّا من الأوساخ ،أو من عرقي المتصبّب ،أو من الجوارب النتنة،لها مدّة طويلة لم يغيّرها ،ولا تغسل أبدا،حتّى تتقطّع وترمى كغيرها.
مايحزّ في نفسي،هو نكران الجميل! كم تباهى بي! أمام أصدقائه ،وخاصّة عندما كنت جديدة، تغمرني الحيويّة ،والشباب يطير من وجهي، يلمع تحت الأشعّة المتراقصة ،يبدو غنيا وصاحب جاه وثروة ،بفضل بسمتي وحيويتي ،التي ردّت له رجولته،فأصبح محطّ
الأنظار،خاصّة في المناسبات والحفلات، وخاصّة الأعراس،كم قفز! وكم ضرب ظهري على الأرض،وأنا اسايره في رقصاته الجنونيّة ،وكنت أتماهى مع سروره
واصبر ! لأجلب له المتعة .
ايه كم رددت عنه الأوجاع ! وابعدت الشوك وقِطع الزجاج،وتحملتها دون إصدار صوت ،كاتمة وجعي،وأنيني بالداخل،يحفر نبضي،وحتّى إن رفعت
صوتي لايسمعني ولا يأبه لي !
والآن يرميني دون حشمة أو اعتذار! وأين! مع القمامة!
هي مكافأتي لسنين الخدمة والرعاية،اجري يوميا،على التراب، وفوق الاسمنت وفي الحفر،وفوق الماء،كم
رأيت! وجرّبت! وعشت ،بين حرارة ورطوبة ،وبين برد وثلج وجليد .
أحيانا يتمطّط جسمي،ويزيد حجمه وأشعر بالتمزّق وأصرخ باكية بصمت الموتى،وأحيانا
ينقبض جسمي ويتقلّص بفعل البرودة والصقيع،وتدخل ضلوعي بين بعضها،وتدفع بقوّة لتبحث عن متّسع .
مازلت قادرة على الخدمة ،فبقليل من العلاج ،لظهري
ووجهي أصبح صغيرة، لكن صاحبي له قلب الحجارة!
ربّما يأتي من ينقذني! ويخرجني من النسيان،ومن الرائحة الكريهة.
آه إني أتحسّس كأنّ جسما أو يدا تلامس جدار الحاوية،ربّما يبعث الله لي منقذا،ويكون مثل حالتي
ويحتاجني ،وخاصة مع قدوم البرد ،فالفقير يتدفأ
وتحدث المعجزة ،أرى شيخا يقلّب ويفتّش عن شيء
يحسبه ثمينا ليعيد بيعه،او يستعمله،سأحاول أن اقترب منه ،واقع بين عينيه،ربّما ياخذني.
ويأخذني،شكرا يا إلهي ،يأخذني ،مفاجاة سارّة! أنا
محظوظة ،سأعيش مرّة أخرى، وارى حياة مختلفة،
ينظر إليّ الشيخ يمسح وجهي ويقول:
هذه فردة حذاء سارقّعها ،تصبح جميلة،وستستر أصابعي فلا يراها الناس،وتدفئني من صقيع الشتاء .
الكاتب الجزائري عبدالعزيز عميمر
Commentaires
Enregistrer un commentaire